مما لا شك فيه أن الوعي الفردي بأهمية ممارسة الرياضة زاد من أجل الحاجة الماسة للمحافظة على الصحة والعناية بالمظهر العام للجسد وحرق ما زاد عليه من كيلوات الدهون بفعل الأطعمة الدسمة والخمول الذي ينتاب الفرد بعد تناولها.
المرأة حالها كحال الرجل أيضاً عمدت إلى الاهتمام بالرياضة البدنية للمحافظة على رشاقتها وقوامها ولتتمكن من إنهاء متطلباتها الأسرية بكثير من النشاط والحيوية، فعمدت إلى ممارستها إما عبر الولوج إلى المراكز التي تعنى بالرياضة البدنية أو داخل غرفة منزلها بمساعدة جهاز رياضي أو تمارين تعلمتها من مجلة رياضية أو شاشة تلفزيونية.
قديماً كان المجتمع الفلسطيني كأي مجتمع من المجتمعات المحافظة ينظر بكثير من السلبية لممارسة الفتاة اللعب والنشاط الرياضي ولكن الآن بدأ الموقف في الانفراج بعض الشيء.
"لها أون لاين" في التقرير التالي تعرض لنماذج فتيات ونساء حرصن على ممارسة الرياضة أينما وجدوا لاقتناعهم التام بأن الرياضة تبني الجسم وتفيد العقل مطبقين قاعدة العقل السليم في الجسم السليم، متحدين استهزأ البعض بهن، وصعوبة المواظبة على الممارسة الرياضية:ـ
تعرف نادية (29 عاما) نفسها بأنها رياضية من الدرجة الأولي في منزلها، فهي مقتنعة وتعمل بمبدأ أن الرياضة مفيدة جداً للجسم حتى لو لم يكن الهدف منها تخفيف الوزن، تقول نادية:"بالنسبة لي كما ترين فإن ممارسة الرياضة لي واجبة لأتخلص من الوزن الزائد مع برنامج ريجيم يوصي به طبيب الأغذية"، وتتابع:"لم ألق أي تذمر أو رفض لموضوع ممارسة الرياضة، خاصة وأن زوجي من هواة الرياضة بل ويعشقها يمارس رياضات كثيرة يداوم على لعب كرة القدم، ويحمل أثقال حديدية، ويمارس رياضة العدو ولا سيما المشي ساعة يومياً ورياضة السباحة حتى في فصل الشتاء ينزل إلى البحر ليمارس رياضة السباحة"، وتستطرد:"يحاول دوماً تشجيعي على ممارسة الرياضة معللاً أن فوائدها أكبر وأعظم من آلامها البسيطة".
في البداية استهزاء وأخيراً مشاركة
"غالباً ما كان أفراد أسرتي خاصة أشقائي الذكور يهزؤون مني عندما أقوم ببعض التمارين الرياضية في المنزل خاصة تمارين المعدة أو العدو في ساحة منزلنا والتي تتجاوز المائة متر بقليل"تلك لسان حال نسمة في ربيع عمرها السابع والعشرين، تضيف:"استهزاؤهم بي كان مبنيا على عدم وعيهم بأهمية الرياضة البدنية وفوائدها العظيمة للجسم النحيف أو الذي يعاني من السمنة على حدٍّ سواء، في البداية كنت أغضب ولا أعمد إلى ممارسة الرياضة أثناء تواجدهم في المنزل، إلا أني ما لبثت أن تراجعت عن موقفي وبدأت أجبرهم على ممارسة الرياضة بطريقتي الخاصة".
وتوضح نسمة أن أطفال أشقائها سعدوا جداً بممارستها للرياضة وعمدوا إلى تقليد حركاتها، مما دفعها إلى أن تخصص وقت لتعليمهم بعض التمارين الرياضية التي تساعدهم على التركيز، بل مع مرور الوقت أصبح أشقاء نسمة الذي هزؤوا بدايةً من ممارستها للتمارين الرياضية يمارسونها يومياً ولم يخفوا عليها مدى التغيير الذي حدث لهم في بنيتهم الجسدية أو النفسية، وتقول نسمة: شقيقي يقول لي أن الرياضة تفتح مسام العقل تنشط القلب وتذهب الأرق والتعب السريع أصبحت أكثر نشاطاً وحيوية وأكثر شباباً بفعل الرياضة".
لا سن.. لممارسة الرياضة
في إحدى المراكز الرياضية بمدينة خان يونس والتي تفرد جزءًا من أيام الأسبوع للنساء ليتمكنوا من ممارسة الرياضة، جذبتني إحداهن كان ترتدي زياً رياضياً وغطت جميع شعرها، وقفت تمارس تمارين الإحماء نزولاً إلى أخمص قدميها وصعوداً لتفرد فقرات ظهرها كخط عمودي، لم تبدُ مجهدة من التمارين وتابعتها بالعدو مراراً وتكراراً على طول الصالة الرياضية وأخيراً وقفت تنتظر المدربة التي تصغرها على الأقل بعشرين عاماً، انتحيت إليها مسرعة، تدعى السيدة أم إبراهيم قالت أنها تمارس الرياضة منذ زمن بعيد لذلك فرغم اجتيازها سن الأربعين بسنوات خمس مازالت تنبض بالحيوية، وتضيف أم إبراهيم:"ممارسة التمارين الرياضية تجعلني أكثر قدرة على تلبية احتياجات أسرتي الكثيرة بنشاط وسرعة بلا تعب سريع ولا تذمر وعصبية"، وتشير إلى أنها تحث أولادها على ممارسة الرياضة لأنها مفيدة جداً لبنية الجسم السليم والعقل السليم، وتدعو أم إبراهيم الشباب والفتيات أن يجعلوا الرياضة من عوائدهم اليومية، كما حثت أم إبراهيم الأمهات اللواتي لا يرتدن مراكز الرياضة لأسباب معينة أن يعمدوا إلى ممارستها في المنزل ويشركوا معهن أطفالهن في ممارسة الرياضة قائلة أن ممارسة الرياضة في مجموعة تخلق نوعاً من المشاركة والتحدي وتجعل الكل يأخذ الأمر على محمل الجد لا التسلية والتهريج،على حد تعبيرها.
خجل وإصرار
أما إيناس في منتصف العشرينيات من عمرها فتقول:"أخجل أن أمارس الرياضة في مراكز الصحة البدنية حتى لو كانت المدربة أنثى مثلي، والسبب أن وزنها الثقيل يمنعها من القيام ببعض التمارين بشكل جيد ما يجعلها عرضة للسخرية من قبل الفتيات اللاتي يأتين لمثل هذا المراكز للتجميل"، وتتابع:"لكنى أصر على ممارسة التمارين الرياضية في المنزل حتى وإن تألمت جسدياً منها فإني لا أتركها أحياناً أستعيض عنها بالمشي وأحياناً أخرى بأعمال المنزل إذ أتحدى نفسي للقيام بأعباء توضيب المنزل من الألف إلى الياء في مدة زمنية لا تتجاوز الساعة، حين أفلح في ذلك يتطاير قلبي فرحاً وحين أخفق أعاقب نفسي بعمل تمارين المعدة 100مرة طبعاً بعد الانتهاء من مهمة التوضيب التي جاوزت الوقت المحدد".
أما عن نظرة أهلها لممارستها التمارين الرياضية تقول:"أحياناً يشجعوني على الاستمرار حين يلمسون نقصان في وزني وكثيراً ما يحبطوني بأني لن أفلح بكل ما فعلت أن أنقص وزني"، وتعقب:"فالوزن الزائد وراثة في عائلتي.. لكني أشعر أن الرياضة تجعل حركتي خفيفة وإن كان وزني ثقيلا".