- معا- لم يصدق العريس احمد زكي عاشور "24" عاما أنه سيضطر لتأجيل زفافه لعام كامل ليكون في صيف 2008 بدلا من شتاء 2007 فهو كان يعتزم الزواج بعد عيد الفطر المبارك مباشرة ولكنه "دار على كعب واحد" بحثا عن غرفة نوم تناسب "تحويشة" عمره فلم يجد وعندما بحث عن اسمنت ليتمم به بناء غرفة نومه لم يجد ايضا، وعندما بحث عن فرشة اسفنج لسريره لم يجد بغزة فوقف حائرا وقرر أخيرا تأجيل زفافه إلى الصيف القادم.
فيما قدم إلى محل اسليم للفرشات والاسفنج بغزة ثلاثة من العرسان الجدد للبحث عن فرشات نوم فلم يجد أي منهم مطلبه فغادر المكان آسفا واللوم يقع على الحصار الذي قلل الاسفنج بغزة، الشاب الأول قال "لا يمكن لا أجد فرشة لسرير النوم لأكمل فرحتي" والثاني قال: "ما في اليوم ولا بكرة كمان" فيما غادر الثالث صامتاً ضاحكا.
ولصناعة فرشات الاسفنج لغرف النوم يلزم حسب التقنيين والمهنيين في هذه العملية التكاملية العديد من المواد الأساسية كالصمغ والقماش والألوان والأقمشة بعد ان يتوافر الاسفنج، كافة هذه المواد نفدت من قطاع غزة وحسب احد اصحاب مصنع اسليم للاسفنج والفرشات قال ان الفرشات نفدت بالكامل من قطاع غزة وما تبقى منها منخفض الجودة ويباع بأثمان باهظة نظرا لارتفاع الطلب عليه.
وقال اسليم ان أزمة كبيرة تتهدد عرسان قطاع غزة في ظل نفاد فرشات الاسفنج وايضا نفاد موبيلا وأثاث المنازل مشيرا الى ان نحو نصف العائلات الجديدة تحاول الاستقلال بذاتها وبناء منازل او استئجار شقق خاصة فلا تجد فرشا لهذه الشقق.
وفي قاطع آخر من مقاطع المعاناة الغزية في ظل الحصار لم يجد خطيب احدى المواطنات شمال مدينة غزة الاسمنت ليكمل بناء عشهم الزوجي فقال لها: "إما أن تنتظري حتى العام القادم وإما مع السلامة" فقررت الانتظار لأنها تدرك انه يمازحها، فقالت: "إذا انت خاطبني من سنة ومش قادر تكمل شقتنا يعني لو أخطب جديد ما حيقدر يجيب مهر وأجهز حالي لأنو غزة فقيرة بالملابس".
الموجود بغزة فقط..
اليوم عرسك يا عريس" أغاني من شتى الأصناف والألوان، تدك صالات الأفراح فيما يتواجد بغزة القليل من الحلويات الملفوفة والقليلة من الشيكولاته والقليل من الأخشاب التي يقيم بها ذوو العريس منصة الحفلات الشبابية الساهرة عشية الزفاف، ويتواجد الراقصون بالحفلات الراغبون بتغير أجواء الحزن والإحباط.
ولا يتواجد بغزة..
الدهان للمباني كالشقق وغرف النوم، الصمغ والخيط لإعداد الفرشات والأسرة والأثاث والموبيليا ولا يتواجد بغزة الكوكاكولا بعد غذاء العرس مما يضع العريس في حرج مع "المعازيم"، ولا يتواجد بغزة الاسمنت لبناء الطوابق العليا من منزل العائلة لتمكين العريس الجديد من العيش بمكان ملائم بدلا من تركه بالشارع.
من اصغر الأشياء اللازمة للحضارة الإنسانية إلى أكبرها لا يتوفر بغزة التي يقطنها مليون ونصف مليون نسمة أي في أكثر بقاع الأرض كثافة، وقد غادر العمال مصانعهم وانضموا إلى صفوف متراصة من العاطلين عن العمل.
تحذيرات من نفاد الاسفنج وغرف النوم..
هشام العويني مدير اتحاد الصناعات الخشبية والأثاث في قطاع غزة أكد على أن مخزون الأخشاب في القطاع شارف على النفاد وقال ان عملية التصنيع توقفت بالكامل حتى بوجود بعض مواد التصنيع كون عملية التصنيع لاسيما الأثاث عملية تكاملية بين كافة أدوات التصنيع وإن تغيب احدها تتوقف هذه العملية.
ويتواجد بقطاع غزة 600 ورشة تصنيع أخشاب بين متوسطة وكبيرة وصغيرة الحجم وتستوعب من ستة آلاف إلى سبعة آلاف عامل جميعهم توقفوا عن العمل وانضموا إلى صفوف البطالة، فيما حاول بعضهم العمل على سيارة أجرة أو المغامرة بمشروع صغير قد يدر الدخل لكن هذه المشاريع باءت بالفشل.
أكثر ما يؤثر على العمل الخشبي وهذه الصناعة في قطاع غزة هي مواصلة الحصار الذي سيؤدي إلى ضياع السوق وهو السوق الذي بناه وحققه قطاع الأخشاب الفلسطيني على مدار 40 عاماً.
يتواجد بغزة 400 شاحنة محملة بالأثاث الجاهز للسوق الإسرائيلي تنتظر على معابر القطاع وهي غير صالحة للاستخدام المحلي كونها كما يقول العويني ذات أسلوب وتصاميم خاصة بالإسرائيليين والغربيين لا تناسب الذوق الإسلامي والعربي.
وفقدت هذه البضائع الجاهزة للتسليم وقتها الزمني المحدد كما سحب التجار الإسرائيليين شيكاتهم التي حرروها لأصحاب مصانع قطاع غزة بعد انتهاء المدة الزمنية والإغلاق المتواصل للمعابر.
وثمة خيبة كبيرة من ارتفاع اسعار غرف النوم منخفضة الجودة إلى ما يقارب 1500 دينار بدلا عن اسعارها القديمة والتي تقدر بألف دينار.
وحتى يتم فتح المعابر والسماح بدخول عشرات المواد الأولية للصناعات المحلية يبقى عرسان غزة رهينة لعقارب الزمن والحل تأجيل الزفاف والبقاء بفترة خطوبة غير معلومة النهاية.